جزيرة الظل
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
جزيرة الظل

منتدى الظل
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 [b]رواية البحث عن مدينة رووووووعة[/b]

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
النــهـيـــــــم
عضو جديد
عضو جديد



عدد الرسائل : 11
تاريخ التسجيل : 14/07/2007

[b]رواية البحث عن مدينة  رووووووعة[/b] Empty
مُساهمةموضوع: [b]رواية البحث عن مدينة رووووووعة[/b]   [b]رواية البحث عن مدينة  رووووووعة[/b] Icon_minitimeالإثنين أكتوبر 22, 2007 10:02 am

بسم الله
نبدأ

الفصل الأول:
خطواتٌ متثاقلةٌ مُرهقةٌ تجرُّ ورائها هموماً تنوء الجبال بحملها، وزفراتُ الموت غدت أشباحاً تُطاردُ أبرياءَ غدو فجأةً مُذنبين، وآخرون يسيرون أيضاً ليس لأنهم أصبحوا مذنبين؛ بل لأنهم لا يعرفون إلى أين يذهبون!
كان الطريقُ طويلاً، لم يكن طريقاً مُعبَّداً سهلاً؛ بل كانت الأشجارُ تظهرُ بين الفينة والأخرى على جنبات الصخور المُلتهبة في حرِّ الظهيرة، تُشارك تلك الصخور رمالٌ لم تُوطَئ منذُ زمنٍ بعيدٍ، وتشاركُها أيضاً تلالٌ اختفت من ورائها وحوش البريَّةِ تبحثُ عن قوتٍ يمرُّ خطئاً بهذا المكان المُوحش..
لربما كانت أهوال الموتِ غَفَت عن الذهنِ قليلاً، بيد أن الموتَ كان للجسد المُنهك أشدَّ قُرباً..
(أُمُّ السعيدٍ) كما كانت تُعرفُ بين أهلها كانت صاحبة تلك الخطوات. كانت (أُمُّ السعيدٍ) تمضي خائفةً لا تدري لماذا! أمَّا العالمُ فلقد دروا.. وأيضاً ما دروا أنهم يدرون!
تلك المعادلةُ الصعبة غدت هاجساً يُطاردُ تلك المرأة المسكينة، والتي لم تجد مفرَّاً من امتثال أمر زوجها بالرحيل إلى وجهةٍ حُددت سلفاً..
- إلى أين تتركٌني يا زوجي الغالي؟! ألن تذهب معي؟! ألن تؤانسني في وحدتي؟! ألن تُشاركني عناء حمل أطفالي؟!
بتلك الصرخات المكلومة كانت (أُمُّ السعيدٍ) تُنادي وتستصرخ زوجها بينما كان يضمُّها إليه في دفءٍ فاق حرارة تلك الرمضاء قائلاً:
- حتماً سألحقُ بكِ.. ولكنَّ لدي عملٌ لابدَّ من القيام به.. فأطيعي أمري واذهبي إلى حيثُ أخبرتُكِ!
هكذا كانت الكلماتُ الأخيرةُ التي قالها (أبو السعيد) لزوجته الحزينة، وكما كان وقعُها فما زال صداها يترددُ على مسامع (أُم السعيد) كُلَّما شعرت بالخوف والوحدة..
لم يكن الأمرُ كذلك فحسب؛ فـ(أُم السعيد) لم تحمل همومها في رحلتها فحسب؛ بل حملت على ذراعيها طفليها الصغيرين، فلم يكن (سعيد) ابن العامين ولا (آمنة) الرضيعة ابنة الأشهر الثلاثة يقويان على السير في تلك الرحلة المُضنية، فكانا يأويان على ذلك الضِلَع الضعيف، يستقويان به على مجهولٍ صغرت عقول الكبار عن استيعابه.. فضلاً عن الأطفال..
سارت (أُمُّ السعيدٍ) طويلاً.. أنهكها الضنى، وهَدَّها التعبُ، فلم تعد تقوى على المشي..
كانت ترمقُ السماء بدموعٍ ترقرقُ على خديها الكسيرين.. تبكي وتهتفُ بربها:
- ربَّاهُ! ماذا عساي أن أفعل؟! لقد جف اللبن في ضرعي فلم يعد بإمكاني ارضاعُ طفلتي.. ولم يتبقَّ لديَّ طعامٌ أخففُ به حرارة جوعي ونيران ظمئي.. هدَّني الألمُ ولم يعد بمقدوري حمل طفليَّ.. ماذا أفعل؟!
- أنموتُ في هذه البريَّةِ سويةً؟!
- أنجلسُ لنرتاحَ فتأكلُنا السباعُ والهوام؟!
- ربي لم يعد بي طاقةٌ على السير مع أطفالي.. فماذا أفعل بهم؟!
كانت تلك الأم تزفرُ كلماتِها مع ما تبقَّى لديها من قوةٍ وصلت بها إلى تلك الشجرة الكبيرة.. أخذت الأمُّ تنظرُ ذات اليمين وذات الشمال علَّها تأمنُ بإنسٍ طاوعتهُ نفسهُ بالمبيت قرب هذه الشجرة الضخمة قبل أن تأخذ الشمسُ ما تبقَّى من طيفها قُبيل الغروب..
أخذت الأمُّ تنظرُ إلى حالها وإلى طفليها وإلى تلك الشجرة وهي تصارعُ الآلام داخلها..
نظرةٌ إلى (سعيدٍ).. وأُخرى إلى (آمنة).. نظرةٌ بنظرة.. تُرى ماذا ستفعل؟!
أنزلت الأمُّ طفلها الذي أشاحت بوسامته مشقَّةُ الطريق، وأخذ ينظرُ إليها لا يلوي على شيءٍ من أمره.. فقط يُراقبُ أمَّهُ..
جلست الأمُّ تحت الشجرة وألقمت ابنتها ثديها، وجعلت تعصرهُ بيدها الأخرى علَّها تجدُ فيه قطراتٍ تسدُّ عطش وليدتها..
غفت (آمنةُ) الصغيرةُ في نومٍ هادئٍ وهي تمصُّ ثدي أمها الجاف، بينما كانت (أُمُّ السعيدٍ) تحتضنُ وليدتها ببكاءٍ مُرٍ جففتهُ قسوة الحال والمسير، ثم أنزلت الأمُّ وليدتها إلى أصل الشجرة، وأقبلت إلى الله مُبتهلةً:
- اللهم إني أستودعُك رضيعتي.. فآمِنها.. وسلِّمها!
أمسكت (أُمُّ السعيدٍ) بيد ابنها (سعيدٍ) وقالت بسؤالٍ لم تكن تنتظرُ إجابتهُ:
- أتقدرُ على المشي؟!
أومأ الصغيرُ برأسه، ومضى مع أمِّه تسحبُ رجليها سحباً، وتأملُ بالنجاة!!

مضت تلك الأمُّ المكلومة وقد تركت بُنيَّتها الرضيعة آملةً ألا تبيتَ طعاماً لقطٍ جائعٍ أو كلبٍ مسعورٍ..
تركت قطعةً من جسدها في أصل تلك الشجرة.. لا تستغربوا! فالمريضُ يستعجل كثيراً بترَ جزءٍ آلمهُ من جسده ويجدُ لذلك راحةً وهدوءً!!
ومضت الأمُّ تكفكفُ دمعاُ يسيلُ ودياناً..

مرَّت ليلةٌ طويلةٌ على (آمنة) الصغيرة، لم تعقل حينها سوى أن مصدر حياتها وثدي أمها الدافئ قد غاب عنها للأبد..
أخذت تبكي.. وتصرخ.. تستنجدُ بلسان الجوع بقايا الرحمة في هذا العالم الظالم... ولها لسانُ حالٍ لم تنطق به بعدُ يقولُ:
- وما ذنبي أنا لتحرموني من سبب حياتي؟!
بكت الطفلةُ طويلاً.. حتَّى بحَّ صوتها..
أجهدُ البكاء صغيرتنا.. وأصبح النحيبُ أزيزاً مُتقطعاً.. ثم انسابت تلك الدموعُ الحرَّى تُدفئ وجه الرضيعة وتلوذه عن برودة الخلاء..

أقبل الصباحُ بوجهه الشاحبِ يحمل هموماً وخطواتٍ أُخرٍ طاردتها رصاصاتُ الموت حتى سيقت إلى حيثُ كانت تمشي (أُمُّ السعيدٍ) وطفليها.. غير أنهم كانوا عائلةً كاملةً.. كانوا كثيرين استأخروا عمَّن سبقهم بالفرار من الموت لقدرٍ يكتبهُ الله حياةً لمن ظُنَّ له الوفاة..
سمعت (آمنةُ) أصواتاً تضجُّ بالمكان، فخُيِّل إلى الجائعة بأنها أُمها التي غابت عنها طوال الليل، فاستحثَّت البُكاء، وتصنَّعت الصُراخ لعلَّ أمها تحنو إلى إرضاعها..
سمعت إحدى نساءِ تلك العائلة صُراخاً لم يصدر من بنيها..
توهَّمت بأنه قطٌ أو حتى جنُّ أَنِسَ بسُكنى هذا المكان الموحش.. لكن الصوت ما زالَ يرتفعُ كلما تقدمت بالمسير..
- إنهُ صراخُ طفلٍ! نعم ليس قطاً كما ظننت.. لابُدَّ أن غيرنا أقام هُنا..
أخذت تلك المرأةُ تبحثُ يميناً وشمالاً عن بَشَرٍ في هذه الأنحاء.. فوقعت عيناها على الرضيعة (آمنة)!!
- عجباً!! أين والداكِ أيتها الصغيرة؟!
لم يكن بفم (آمنةَ) الجميلة جوابٌ غير البكاء المُتقطِّع على عطشٍ وجوعٍ ألمَّ بها ليلةً كاملةً حتى بدت هزيلةً ضعيفةً..
أسرعتُ المرأة إلى الرضيعة، ولِمَا رأتهُ عليها من آثار الجوع أيقنت بأنهُ لا أهل لديها هُنا.. فألقمتها ثديها علَّها تكفُّ عن صُراخها.. فيما كان زوجُ تلك المرأة يُقبِلُ إليها:
- ماذا تفعلين يا امرأة؟! أليس لهذه الطفلة أهلٌ يعتنون بها؟!
أشاحت المرأةُ بوجهها نافيةً وقالت:
- لا أظنُّ ذلك.. فلقد جفَّ وجهها من الجوع والعطش.. ولربما ضاعت من أمها..

أمال الرجلُ رأسهُ مُستغرباً:
- لا تقولي بأنكِ تنوين الاحتفاظ بها؟!

قالت المرأةُ بهدوءٍ:
- نحنُ عائلةٌ كبيرةٌ.. ولن نعجز عن حملها لعلَّنا نجدُ أهلها في الطريق..
رفعت المرأةُ الرضيعةَ تضمُّها إليها زمن المسير في رحلة الهجرة.. تحملُ لها أملاً بدفء أمها يوماً.. وإن كانت تعلَّقت بُحُبها من النظرة الأولى!

انتضروا الفصل الثاني
مشووووووووووووووق............
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
[b]رواية البحث عن مدينة رووووووعة[/b]
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
جزيرة الظل :: جزيرة مشاركات الأصدقاء :: جزيرة الروايات والمؤلفات-
انتقل الى: